للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن في الأرض لله هو سجود حقيقة وانقياد وطاعة، والدليل على أنه سجود حقيقة أن الله عز وجل وصف به كثير من الناس (١)، فلو كان السجود سجود الانقياد والتسخير لأمر الله الكوني فقط لكان كل الناس يسجدون لله عز وجل لأنهم كلهم مربوبون لله منقادون لمشيئته الكونية، وسجود هذه المخلوقات لله عز وجل نجهل نحن كيفيته، لكننا نؤمن به لإخبار ربنا عز وجل عنه، وفي التنزيل الحكيم: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ} (٢)، وقال عز من قائل: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} (٣) فإذا كنا لا نعلم كيفية صلاة وتسبيح هذه الأشياء فكذلك لا نعلم كيفية سجود من في السماوات ومن في الأرض لكننا نؤمن بهذا السجود وإن لم نعلم كيفيته.

وورد في صحيح السنة عن سجود الشمس ما رواه أبو ذر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوما: «أتدرون أين تذهب هذه الشمس؟، قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش، فتخر ساجدة


(١) انظر: تفسير الطبري ١٧/ ١٣٠، وتفسير القرآن العظيم ٥/ ٣٩٨.
(٢) سورة النور الآية ٤١
(٣) سورة الإسراء الآية ٤٤