للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد صلى الله عليه وسلم، وعيسى عليه السلام زهاء ستة قرون لم يكن فيها نبي، وإنما بقايا على الملل السابقة، بقايا من أتباع عيسى ومن شريعته يقلون ويتناقصون شيئا فشيئا، حتى جاء زمن لم يبق على الأرض من يعرف الحق، فأظلمت الأرض بالجهالات والضلالات وأظلمت بالطغيان والفساد {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} (١)، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب (٢)». أخرجه مسلم، فرحم الله الخليقة بهذا النبي الكريم محمد بن عبد الله، هذا النبي من ولد إسماعيل بن إبراهيم «إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم فأنا خيركم حسبا ونسبا (٣)»

أشرقت الأرض بعد ظلماتها، واستنارت واهتدت بعد الغواية بمبعث محمد صلى الله عليه وسلم، بعث هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل، واندراس من العلم، واختار الله له بلده مكة شرفها الله، التي كان مولده فيها وأسلافه إلى إسماعيل عليه السلام، كلهم ولدوا فيها، وترعرع فيها ونشأ فيها، وعاش بين أهلها لمدة أربعين عاما، {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} (٤)


(١) سورة الروم الآية ٤١
(٢) صحيح مسلم الجنة وصفة نعيمها وأهلها (٢٨٦٥)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٦٢).
(٣) صحيح مسلم الفضائل (٢٢٧٦)، سنن الترمذي المناقب (٣٦٠٥)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١٠٧).
(٤) سورة الأنعام الآية ١٢٤