للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاختاره الله بأن يكون النبي الخاتم للأنبياء والرسل، بعثه بما بعث به إخوانه الأنبياء، ليدعوا إلى توحيد الله، ليدعوا إلى إخلاص الدين لله، بعثه في زمن كانت الأرض تعج بملل متطاحنة، وآراء متباينة وملل مختلفة، يهودية ونصرانية ومجوسية ووثنية، هذه هي أصول الملل، ويدخل تحتها أنواع، يقول الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} (١) ابتدأ النبي الكريم دعوته بمكة، يدعو العرب - عشيرته، وبني عمه، وأقاربه، وذوي رحمه، وأهل بيته - يدعوهم إلى لا إله إلا الله، ليقولوها، ويعملوا بمقتضاها، وينصروها، ويؤيدوها، ويحملوا لواءها، بدأ بهم؛ امتثالا لقول الله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (٢).

حين نزلت هذه الآية قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا معشر قريش - أو كلمة نحوها - اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا، ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا، ويا فاطمة بنت


(١) سورة البقرة الآية ٦٢
(٢) سورة الشعراء الآية ٢١٤