للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ممتنع عن شرائعه فعاد الناس إلى حظيرة الإسلام، ثم انطلقت تلك الجحافل المؤمنة شرقا وغربا، تفتح القلوب والبلاد، وتنير الطريق، وتهدي العباد، وتخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم والهدى، مضى على ذلك حقبة من الزمن، ولكن من حكمة الله أن يكون بين الحق وبين الباطل جدال ونزال، وأن الحق لا يمكن أن ينفرد وحده بل لا بد من باطل يقاومه؛ ليظهر الحق من الباطل {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} (١)، {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (٢)، فالحق لا بد أن يقاومه باطل حكمة من الله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ} (٣).

بدأت تلك الظاهرة متمثلة في فرقة الخوارج الذين خرجوا في آخر عهد عثمان، فقالوا في عثمان بآرائهم الباطلة، وأفهامهم الخاطئة ما قالوا، إلى أن قتل الخليفة ظلما وعدوانا، فسل السيف على أهل الإسلام وعاث الخوارج في دماء المسلمين، وخرجت الخوارج على علي لتكفر عليا والصحابة وتدعي أنهم كفار فارقوا الشرع وعصوا الرب، وهكذا إلى أن قاتلهم الصحابة، ولكن بقاياهم لا يزالون يتوالدون، ثم خرجت فرق شتى كلها شذت عن منهج الله القويم


(١) سورة التغابن الآية ٢
(٢) سورة هود الآية ٧
(٣) سورة الفرقان الآية ٣١