وجميع هذه الآليات وسيلة ذلك، كما لا يخفى أن التورق يختلف عن العينة، حيث إن العينة معناها رجوع السلعة إلى من باعها حيث إنه لم يبعها إلا باعتبار رجوعها إليه وحصوله على رغبته في أن تكون المائة مائة وعشرين دون فوات سلعته عليه، فضلا عن أن هاتين البيعتين - بيعة البائع على المشتري، وبيعة المشتري على البائع - بيعتان في بيعة واحدة وقد «نهى صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة (١)» واحدة وفسرها بعض المحققين من أهل العلم ومنهم ابن القيم - رحمه الله - بأنها العينة بخلاف التورق، فإن السلعة التي باعها البائع على الراغب في الشراء تورقا لن ترجع للبائع حيث إن شرط بيع التورق ألا يبيع المشتري السلعة على من باعها عليه فإن باعها عليه فهي العينة المحرمة.
فلم يبق من حجج القول بتحريم التورق إلا القصد - قصد المشتري النقد دون السلعة - وهذا القصد لا يعتبر سببا في القول بالتحريم فقد وجه صلى الله عليه وسلم عامله لتحقيق قصد الحصول على الجنيب من التمر بأن يبيع الجمع ويشتري بثمنه جنينا ولم يكن هذا القصد مانعا من صحة هذا التصرف والأخذ بهذا المخرج الصحيح.
وقد وجد من بعض فقهاء عصرنا هاجس حذر من التوسع في الأخذ بالتورق من قبل المصارف الإسلامية ويظهر لي أنه هاجس