فما هو المحذور من توسع البنوك الإسلامية في ممارسة الاستثمار عن طريق بيوع التورق، والحال أنها بيوع توفر لذوي الحاجات بها تأمين حاجتهم من النقود، وتقيهم من بلاوي الربا ومضاعفاته، وتيسر لهم الحصول على ما يحتاجونه من سلع ومنافع وخدمات وهم بذلك في الغالب يختارون التورق طريقا للحصول على النقد محض الإرادة والاختيار، لا على سبيل الاضطرار.
وإني لأعجب حتى نهاية العجب من قول بعضهم: إن قلنا بجواز بيع التورق للأفراد ومن الأفراد لتغطية حاجاتهم فلن نقول بذلك للبنوك؛ لأن ذلك هو غايتهم من تكثير نقودهم وليس لهم غاية في السلع وتداولها.
والرد على هؤلاء أليست البنوك شخصيات اعتبارية لها حكم الأشخاص الطبيعيين في مخاطبتهم بأحكام الإسلام في المعاملات المالية؟ والإسلام لا ينظر في تشريعاته من وجوب وحظر واستحباب وكراهة وإباحة إلى الأشخاص فيفرق بينهم في الحكم فهذا يجوز له ما لا يجوز لأخيه وهذا يحرم عليه ما يصح لأخيه وإنما أحكامه مبينة من حيث الحظر والإباحة والتصحيح والبطلان على وجود مقتضى الحكم فإن كانت المصالح غالبة كان الحكم بالإباحة، وإن كانت المضار غالبة كان الحكم بالحظر. ومتى كان الحكم جائزا فهو جائز