تكييف عمليات حساب الودائع في الفقه الإسلامي وبيان حكمها:
مما تقدم يتبين أن ما يسمى بالودائع في حساب الودائع يملكه المصرف ويضمن مثله لعميله ويدفع عليه في الغالب الفوائد، ويأخذ عمولة في بعض الأحوال، كما يتبين أن علماء القانون والاقتصاد اختلفوا في تكييف عقد هذه العمليات، فقيل عقد ودائع حقيقية، وقيل عقد ودائع شاذة، وقيل عقد قرض، والذي يعنينا هنا تكييفه في الفقه الإسلامي، هل هو نوع من العقود التي سماه بها علماء الاقتصاد أو عقد بيع، فقد يقال: لا يجوز أن يكون وديعة حقيقية ولا شاذة؛ لأن ما دفعه العميل يملكه المصرف ويتصرف فيه ويضمن مثله ويدفع عليه فائدة، وهذه الخواص ليست من سمات الودائع بل هي على العكس من ذلك، وقد يقال أيضا لا يجوز أن يكون عقد قرض؛ لأن أخص خواص القرض قصد الإرفاق المحض والمعروف الخالص ابتغاء الثواب.
ولذا استثني من عموم النهي عن بيع الربوي بمثله نسيئة، وهذا المعنى ليس متحققا في حساب الودائع، ويمكن أن يقال: إنه عقد بيع، لتضمنه معاوضة نقد أو ما في حكمه بنقد أو ما في حكمه مع قصد الكسب المادي من فائدة ربوية يأخذها العميل بالإيداع، ويتمكن فيها المصرف من الإقراض أو غيره، ومن أجل ذلك سماه