للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي صلى الله عليه وسلم بيعا في قوله: "لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل يدا بيد. . . إلى أن قال: فإذا اختلفت الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد".

وعلى هذا تكون من العقود المحرمة بالكتاب والسنة والإجماع لما فيها من التفاضل بين ربويين قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} (١) الآيات إلى قوله: {لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (٢) وفسر ذلك أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي نهى فيها عن الربا وعلى ذلك أجمعت الأمة.

ولكن هل يفسد العقد لعدم اشتراط الربا فيه، فيرد للعميل رأس ماله فقط، وتلغى الفائدة والعمولة، أو يصح العقد ويبطل الشرط فللعميل رأس ماله فقط، ثم هل يجوز الإيداع في المصرف بلا فائدة للحاجة إلى الحفظ، وتيسير المعاملات أو يمتنع نظرا لما فيه من إعانة المصارف على استعمالها في الربا، أو التمكن من استعمال غيرها بسبب وجودها في المصرف.

أما عمولة المصرف على القيد في السجلات والإجراءات ونحوها فهي جائزة إن لم تتخذ ستارا يؤكل الربا باسمها.

ومن زعم أن الربا المحرم هو ربا القروض الاستهلاكية؛ لأنه ربا الجاهلية الذي حرمته النصوص؛ ولأنه هو الذي يتجلى فيه الظلم، لا ربا القروض التي يستعان بها في الإنتاج لما فيها من تيسير الإنتاج وتبادل المصالح وإنماء الثروة والنهوض بالأمة في شتى المرافق، من زعم ذلك فهو واهم، أو ملبس متكلف للباطل، وذلك لأمور: الأول: أن ربا الإنتاج كان موجودا أيضا زمن نزول آيات تحريم الربا كما يدل على ذلك تاريخ واقع الجزيرة أيام الوحي، فإن المسلمين في مكة كانوا تجارا، والمهاجرين بالمدينة كانوا تجارا واليهود حول المدينة كانوا تجارا، والأنصار بالمدينة كانوا زراعا، وكل من التجارة الزراعة طريق من طرق التنمية


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٥
(٢) سورة البقرة الآية ٢٧٩