نقله الدكتور محمد عبد الله العربي عن كتاب "فرنسا اليهودية أمام الرأي العام": قال: إن الذي يلفت النظر في عصرنا ليس هو فقط تكدس الثروات في أيد قليلة، وأحيانا بأساليب فاجرة بل هو على الأخص تكدس قوة هائلة تتمثل في سيطرة اقتصادية لا ضابط لها ولا قيد، وسيطرة تصول بها فئة قليلة ليسوا هم في الغالب ملاك المال، بل هم مجرد مستودعين له، ولكنهم يديرون ويتصرفون كما لو كانوا ملاكه بالفعل، إنها لقوة هائلة تلك التي يصول بها هؤلاء في سيطرتهم المطلقة على المال وعلى الائتمان أي الإقراض الذي يوزعونه بمحض مشيئتهم المطلقة، فكأنهم بذلك إنما يوزعون الدم اللازم لحيوية الجهاز الاقتصادي بكل أوضاعه، فإذا شاءوا حرموه دم الحياة فلا يستطيع أن يتنفس، وإذا شاءوا قدروا مدى انسيابه في جسم هذا الجهاز التقدير الذي يتفق مع مصالحهم الذاتية.
ثم إن تجمع هذه القوة وهذه الموارد المالية في أيديهم يؤدي إلى الاستيلاء على السلطة السياسية في النهاية، وذلك يتحقق في خطوات ثلاث متدرجة مساندة: الأولى: الكفاح في سبيل إحراز السيادة الاقتصادية، ثم الكفاح في جمع مقاليد السيادة السياسية في أيديهم، ومتى تحققت لهم بادروا إلى استغلال طاقاتها وسلطاتها في تدعيم سيادتهم الاقتصادية، وفي النهاية ينقلون المعركة إلى المجال الدولي العالمي" اهـ. ويتبع ذلك مضار تعود على المستهلكين وغيرهم، مثل غلاء الأسعار نتيجة لإضافة المنتج فائدة القرض إلى تكاليف إنتاج السلع، وإذن فالذي يدفع الفائدة إنما هو الشعب المستهلك، ومثل تخفيض أجور العمال أو الاستغناء عن بعضهم إذا اضطر لتخفيض الأسعار، ومن ذلك تنشأ أزمات مختلفة.