للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذهب بعض الفقهاء إلى أن التخلي للعبادة أفضل من الاشتغال بالكسب؛ بناء على أن صفة الفقر أعلى من صفة الغنى عندهم؛ لأنه أسلم حيث لا يحاسب المرء على الفقر، بينما يحاسب على الزائد عن حاجته، ولأنه أبعد للمرء عن الطغيان، ومن اقتضاء الشهوات. . . وهذا هو المذهب عند الحنفية (١).

واحتج المفضلون للغنى على الفقر بأن الغنى نعمة، والفقر بؤس ونقمة، والنعمة خير من النقمة، وأن الله عز وجل سمى المال فضلا وخيرا، فقال سبحانه: {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} (٢)، وقال: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (٣)، وقال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا} (٤). يعني الملك والمال، وسأل سليمان عليه السلام ربه قائلا: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} (٥) ولا يظن بأحد من الرسل أنه يسأل الدرجة الدنيا دون العليا.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو على المنبر وذكر الصدقة والتعفف والمسألة: «اليد العليا خير من اليد


(١) المبسوط (٣٠/ ٣٥٢، ٣٥٤).
(٢) سورة الجمعة الآية ١٠
(٣) سورة البقرة الآية ١٨٠
(٤) سورة سبأ الآية ١٠
(٥) سورة ص الآية ٣٥