الذي يكنس العذرة والزبل؛ لأنه دناءة يجتنبه أهل المروءات.
والذي يبدو لي أن ما يراعيه الفقهاء في باب الشهادة في القضاء، وفي باب الكفاءة في النكاح من تأثير دناءة الحرفة احتياطا للعدل وصيانة للمرأة ودفعا للمفاسد - إن قلنا بالتسليم به - لا يخل بكون ذلك كسبا داخلا في عمومات الأمر بالارتزاق، ولا يخل بإباحة الحرفة ذاتها، ما دام صاحبها لا يباشر المحرمات ولا النجاسات.
ولا أغفل هنا أنه حتى في باب الشهادة والكفاءة المذكورين فإن للعرف أثرا كبيرا في تحديد شرف الحرف المباحة ودناءتها، ودرجاتها في ذلك.
كيف وقد قال بعض العلماء: إن الحرف والصناعات التي يحتاجها الناس تكون فرض كفاية إذا احتاج المسلمون إليها، وأنها تكون فرض عين متى لم يقم بها غير قوم معينين وعجز عنها غيرهم، وأن للإمام أن يجبرهم عليها إذا امتنعوا، بعوض المثل. ولا يعد هذا ظلما.