للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد جاء لفظ الادخار في القرآن الكريم بهذا المعنى في قوله تعالى في سورة آل عمران في سياق تعداد عيسى - عليه السلام - آيات نبوته: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (١)، ومعنى الآية: أخبركم بما تأكلونه وبما ترفعونه فتخبئونه من الطعام ولا تأكلونه (٢)، وقد ذكر الطبري - رحمه الله تعالى - أن "يدخرون" بالدال هي اللغة الأجود وأنه يجب القراءة بها لا بالذال فقال: (وأصل "يدخرون" من الفعل يفتعلون من قول القائل: ذخرت الشيء - بالذال - فأنا أذخره ثم قيل: يدخر كما قيل: يدكر من ذكرت الشيء يراد به يذتخر، فلما اجتمعت الذال والتاء وهما متقاربتا المخرج ثقل إظهارهما على اللسان فأدغمت إحداهما في الأخرى وصيرتا دالا مشددة، صيروها عدلا بين الذال والتاء. ومن العرب من يغلب الذال على التاء فيدغم التاء في الذال فيقول: وما تذخرون وهو مذخر لك، وهو مذكر، واللغة التي بها القراءة الأولى - وذلك إدغام الذال في التاء وإبدالهما دالا مشددة - لا يجوز القراءة بغيرها؛ لتظاهر النقل من القراءة بها وهو اللغة الجودى كما قال زهير:

إن الكريم الذي يعطيك نائله ... عفوا ويظلم أحيانا فيظلم


(١) سورة آل عمران الآية ٤٩
(٢) تفسير الطبري (٣/ ٣٧٩)، وتفسير البغوي (٢/ ٤٠، ٤١)، وزاد المسير (١/ ٣٩٢، ٣٩٣).