للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي نعنيه هنا إنما هو حل الانتفاع نقيض الحرمة، وهو حاصل بالأول، وكذلك هو قيد في الثاني؛ فلا بد من توفره زيادة على سبب الإباحة من العقد أو إذن المالك الخاص.

كما أن هذا الحل في الأشياء له درجات متفاوتة: فأعلاها ما كان خالصا من جميع الشبه؛ كالاغتراف من الأنهار العظام الخالية عن الاختصاص، ثم تنزل درجاته إلى أن تقرب الدرجة الأخيرة من الحرام المحض؛ كمال من لا كسب له إلا المكوس المحرمة؛ وإن كان يحتمل أن يكون بعض ما في يده حصل له من جهة حلال (١).

وقد اختلف الفقهاء في حل الانتفاع؛ هل هو شرط في المالية؛ فذهب الحنفية إلى أن حل الانتفاع ليس شرطا في المالية، وليس من ضرورة التحريم سقوط المالية وهذا دفعهم إلى تقسم المال إلى قسمين: مال متقوم، ومال غير متقوم، فالمال المتقوم عندهم هو ما يباح الانتفاع به شرعا في حال السعة والاختيار، والمال غير المتقوم هو ما لا يباح الانتفاع به في حال الاختيار؛ كالخمر والخنزير في حق المسلم. وعليه فإنها للذمي تعتبر مالا متقوما؛ لأنه يتمولها ولا يعتقد حرمتها، وقد أمرنا بتركهم وما يدينون.


(١) القواعد للحصيني (٢/ ١٧٩، ١٨٠)، والمجموع المذهب في قواعد المذهب للعلائي (٢/ ٧١٤ / ٧١٥).