للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثا: أنه لو كان استغفاره صلى الله عليه وسلم لمن جاءه مستغفرا بعد موته مشروعا لأمر به أمته ورغبهم فيه ولكان الصحابة وتابعوهم بإحسان أرغب شيء فيه وأسبق إليه، فهم أحرص هذه الأمة على الالتزام بأمر الله سبحانه وأشدهم تعظيما لنبيها ومعرفة لقدرته، ولكن شيئا من ذلك لم يحصل إذ لم ينقل عن أحد منهم قط بنوع من أنواع الأسانيد أنه جاء إلى قبره ليستغفر له ولا شكا إليه ولا سأله (١)، كل ذلك يؤكد أنها خاصة في حياته.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ومنهم من يتأول قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} (٢). ويقولون: إذا طلبنا منه الاستغفار بعد موته كنا بمنزلة الذين طلبوا الاستغفار من الصحابة ويخالفون بذلك إجماع الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر المسلمين فإن أحدا منهم لم يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته أن يشفع له ولا سأله شيئا ولا ذكر ذلك أحد من أئمة المسلمين في كتبهم) (٣).

وقال الشيخ ابن سعدي في تفسير هذه الآية: (وهذا المجيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مختص بحياته؛ لأن السياق يدل على ذلك لكون الاستغفار من الرسول لا يكون إلا في حياته،


(١) الصارم المنكي ص ٤٢٨ (بتصرف) وانظر: قاعدة جليلة ص ١٩، ٢٠.
(٢) سورة النساء الآية ٦٤
(٣) قاعدة جليلة ص ١٩.