للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتاب والسنة، ولذا ثبت عنه كراهة تعظيم قبور الصالحين خشية الفتنة بها (١)، فكيف يقدم على بدعة لا يقرها هذا مستحيل من مثله، ولذا قال ابن تيمية: بعد أن أورد هذه الحكاية: (وهذا كذب معلوم كذبه بالاضطرار عند من له أدنى معرفة بالنقل) (٢). وقال ابن القيم: (والحكاية المنقولة عن الشافعي أنه كان يقصد الدعاء عند قبر أبي حنيفة من الكذب الظاهر) (٣).

رابعا: أن الأبيات المذكورة مكذوبة على الإمام الشافعي لخلوها من السند الصحيح كما أشرت إليه آنفا ولمخالفتها لمنهجه رحمه الله، ولو قدر أنها صحيحة فإنها لا تضمن التوسل بالذات؛ إذ معناها: أن حب آل البيت واتباعهم وشفاعتهم والصلاة عليهم ذريعتي ووسيلتي، وكذا قوله: (أرجو بهم) أي أرجو بحبهم واتباعهم وشفاعتهم، مثل قول عمر: (اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا) فإن المراد إنا كنا نتوسل إليك بدعاء نبينا (٤).

مما ذكرنا اتضح أن هاتين الحكايتين مكذوبتان على الإمام الشافعي رحمه الله،


(١) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ص ٣٤٣، ٣٤٤.
(٢) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم ص ٣٤٣.
(٣) إغاثة اللهفان ج١ ص ٢٣٦.
(٤) انظر: صيانة الإنسان ص ٢٩٨، ٢٩٩.