للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذلك بعد آدم عليه السلام بزمن إلى أن أرسل الله رسوله نوحا عليه السلام. فلقد غلا قوم نوح قبل مجيئه إليهم في أقوام كانوا صالحين فغلوا في محبتهم حتى عبدوهم من دون الله، ثم أنهم صوروا لهم أصناما تكون رمزا لعبادتهم حتى ظهرت بدعتهم إلى جاهلية العرب قبل مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} (١).

أخرج البخاري بسنده إلى ابن عباس رضي الله عنهما، قال في هذه الآية: "صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد، أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع فكانت لهذيل، وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطفان، وأما يعوق فكانت لهمذان، وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت"اهـ.

والأنصاب جمع نصب وهو الصنم ينصب للميت لتخليد ذكراه، هذه في الحقيقة تمثل نوعا من الغلو، في باب الغلو في


(١) سورة نوح الآية ٢٣