للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيصلح من عمله ما فسد، وقد تكون للفاسق والكافر، فيما يتعدى للناس خيرا ومكاسب، فيزداد في عمله الذي يبغضه الله استدراجا، ليزداد إثما فوق إثمه جزاء وفاقا، يقول سبحانه: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (١) كما ابتلي قارون بكثرة المال، ففرح بذلك وازداد غرورا، ولم يشكر نعمة الله عليه، بل قال: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} (٢).

والفتنة قد تكون في النفس، وقد تكون بالمال كثرة أو قلة، وقد تكون بسبب الولد، وقد تكون بأي شأن من شؤون الحياة الإنسانية، سواء كان الإنسان فردا أو مع أسرته، أو جماعة.

ولما كان قد جاء في القول المأثور، عن بعض علماء السلف: ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا دفع إلا بتوبة، فإن الفتن للمؤمن امتحان وابتلاء، ومثلها الكوارث والمصائب، يؤجر عليها، وتزيده تمكينا في طاعة الله، وعرفانا بفضله سبحانه، ليحمده عليها ويشكره، على أن أعانه على تحملها، والصبر عليها، كما حصل لأنبياء الله، وحتى يحاسب نفسه، لإدراك المدخل الذي جاءته الفتنة معه، ليعالج نفسه، ويحسن عملها، توبة وإنابة إلى الله، يقول سبحانه: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (٣).


(١) سورة الأنبياء الآية ٣٥
(٢) سورة القصص الآية ٧٨
(٣) سورة البقرة الآية ٢١٦