للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولذا قال عنها بعض العارفين: (إنها محك الإيمان، وتمحيص العمل)، وما ذلك إلا أن الفتن التي أخبر عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في آخر الزمان، يرقق بعضها بعضا، وأعظمها فتنة الدين، التي يوقد جذوتها، ويشعل فتيلها عدو الله إبليس، ويثيرها أعوانه من شياطين الإنس، وأعداء الله ورسالاته: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} (١).

وهذه هي التي يحذر الله ورسوله منها، وجاء بها الدعاء المأثور: (ولا تجعل مصيبتنا في ديننا). والفتنة إذا وقعت، اصطلى بنارها الجميع، ويعمهم عقاب الله سبحانه، ويبعثون على نياتهم، ألم يقل سبحانه: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (٢) وحذر صلى الله عليه وسلم في قوله الكريم: «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، ولتأخذن على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطرا، أو ليضربن الله بين قلوبكم، ثم يلعنكم كما لعن الذين من قبلكم (٣)».

جاء هذا التحذير الشديد من الرسول الكريم صلى الله عليه


(١) سورة الأنعام الآية ١١٢
(٢) سورة الأنفال الآية ٢٥
(٣) رواه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن مسعود: جامع الأصول ١: ٣٢٧ - ٣٣٠.