للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلى الله عليه وسلم وأخذوا عنه، وسألوه عما يشكل عليهم. ولمخافتهم على دينهم أن يدنس، ولحرصهم على حسن الاتباع، فإنهم يسألون ليطبقوا، ويتخوفون من الفتن لما أدركوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تأكيدات وتخويف من الفتن، وبما ينور أذهانهم من علامات وضلالات تصاحب الفتن، ولما تجر الإنسان إليه من لا يدري.

وما ذلك إلا أن المغزى الذي حركت الفتنة من أجله غامض، وكل شيء غامض في دلالته ومغزاه. يحدث الريبة في المقصد البعيد، ولا يدرك هذا إلا من أخذ للأمر أهبته، واسترشد من ذوي العلم والعقل، ومن منحه الله فطنة وبعد نظر، كما يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لما أظهرت الفتنة رأسها، وتباينت الآراء، فقال: لمن حدثه كلمة حق يراد بها باطل.

يبين ذلك الفهم مما رصد في أحاديث الفتن، واعتزال بعض الصحابة لها. وملاحقتهم رضي الله عنهم لمن عرف عنه: حديثا واحدا في الفتن، حتى يستفيدوا ويعلموا من بعدهم، ثم تحذيرهم ممن بانت لهم علامات في محبة الفتن، أو الخوض فيها: إما باللفظ اللساني، أو التعاطف الوجداني.

حتى أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه- كما مر بنا نموذج