من ذلك- كان يخاف على نفسه الفتنة، ويسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتحاشى الوقوع فيها؛ لأنها شر، وتدعو إلى الفساد، والإضرار بالآخرين. ولشهرته بين الصحابة بهذا، فقد كانوا -وخاصة بعد مقتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه- وانفتاح باب الفتنة بعد كسره، كانوا يسألون حذيفة عما علم عن الفتن والمحن، من نبي الله عليه الصلاة والسلام، فيجيبهم: لأمانة تبليغ العلم، وعدم كتمانه بما سمع، وبما أجابه رسول الله عنه أسئلته فيها.
ولا شك أن الفتن بأنواعها، وتعددها في أي عصر ومكان، بحسب الأوضاع الاجتماعية للناس، وما وراء هذه الفتن من نتائج وظواهر. وما يستعمل في سبيلها من وسائل تبليغية: سواء كانت إعلامية بالأكاذيب، أو عملية بالتخريب والتخويف والقتل. أو غير ذلك من أسلوب خفي، وخلف أي غاية كانت. تراهم يظهرون غير ما يبطنون.
فكلها شر وفساد والله لا يحب الفساد، والشر عمل شيطاني؛ لأن أول من قاد إليه: عدو الله إبليس، وأخذ على نفسه عهدا أن يضل بني آدم، ويعدهم ويمنيهم، وأن يأتيهم من كل جهة حتى لا يشكروا نعم الله عليهم:{يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا}(١).