للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كان السلف الصالح، ومن سار على نهجهم من الخلف، أحرص الناس على كسب الزمن، والإفادة منه في الخير، فقد كانوا ينافسون الزمان، يسابقون الساعات، ويبادرون اللحظات، حرصا منهم على الزمن، وعلى ألا يذهب منهم هدرا. والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، نذكر فيما يلي بعضا منها:

نقل عن عامر بن عبد قيس أن رجلا قال له: كلمني، فقال له: أمسك الشمس (١). يعني أوقف لي الشمس واحبسها عن المسير حتى أكلمك، فإن الزمن دائب المضي، لا يعود بعد مروره، فخسارته لا يمكن استدراكها؛ لأن لكل زمن ما يملأه من العمل. وكان الواحد منهم يحفظ كل لحظة من زمنه حتى في حال النزاع. نقل في ذلك عن ثابت البناني أنه قال: ذهبت ألقن أبي، فقال: يا بني دعني، فإني في وردي السادس (٢). كما يروي الفقيه أبو الحسن الولوالجي، أنه دخل على أبي الريحان البيروني، وقد حشرج نفسه، وضاق به صدره، فقال لي في تلك الحال: كيف قلت لي يوما حساب الجدات الفاسدات فقلت له إشفاقا عليه: أفي هذه


(١) انظر الخبر في: ابن الجوزى: صيد الخاطر، ص ١٨.
(٢) انظر الخبر في: أبو نعيم الأصفهاني: حلية الأولياء، ج ٢، ص ٣٢٢.