للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أول الإسلام، إلا أن يقاتل المسلمون، ثم أذن الله تعالى في قتال المشركين في جميع الأوقات، فقال: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} (١) وبقيت حرمة الأشهر الحرم في تضعيف الأجور والأوزار فيهن، فقد خص الله تعالى هذه الأشهر بزيادة المنع فيهن عن الظلم (٢). ولذلك، فقد غلظ الإمام الشافعي -رحمه الله- في دية من قتل خطأ في الأشهر الحرم (٣).

وعلى ذلك، فإن قوله: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} (٤) عائد على الأربعة الحرم، وليس على الاثني عشر شهرا؛ لأنه أقرب مذكور؛ ولأن هذا هو مدلول الضمير (فيهن) في اللغة العربية.

وفي اختصاص الأشهر الحرم بالذكر هنا تشريف لها. وفي خصها بالنهي عن الظلم، مع أنه منهي عنه في كل زمان، مزيد من التشريف (٥). وجاء ذكر الأشهر الحرم في القرآن الكريم بصيغة المفرد الدال على الجنس فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} (٦) وقال: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ} (٧).


(١) سورة التوبة الآية ٣٦
(٢) البيهقي: فضائل الأوقات، ص ٨٦.
(٣) انظر: الشافعي: الأم، ج ٦، ص ٤٧ كفاية الأخيار، ص ٦٠٤.
(٤) سورة التوبة الآية ٣٦
(٥) الرازي: التفسير الكبير، ج ٦، ص ٤١ القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج ١، ص ١٣٥.
(٦) سورة المائدة الآية ٢
(٧) سورة المائدة الآية ٩٧