كتاب مجلة البحوث الإسلامية

من فتاوى سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ - إنكار الاحتفال بالمولد النبوي - ج: 75 - ص: 42

رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دل على استحباب فعل أو إيجابه بعد موته أو دل عليه مطلقا ولم يعمل به إلا بعد موته ككتاب الصدقة الذي أخرجه أبو بكر رضي الله عنه فإذا عمل أحد ذلك العمل بعد موته صح أن يسمى بدعة في اللغة لأنه عمل مبتدأ.

قال: وقد علم أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن كل بدعة ضلالة (١)» لم يرد به كل عمل مبتدأ؛ فإن دين الإسلام بل كل دين جاءت به الرسل فهو عمل مبتدأ، وإنما أراد ما ابتدئ من الأعمال التي لم يشرعها هو صلى الله عليه وسلم. قال: وإذا كان كذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون قيام رمضان على عهده جماعة وفرادى، وقد قال لهم في الليلة الثالثة والرابعة لما اجتمعوا: «إنه لم يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهة أن يفرض عليكم فصلوا في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (٢)».

فعلل صلى الله عليه وسلم عدم الخروج بخشية الافتراض فعلم بذلك أن المقتضي للخروج قائم وأنه لولا خوف الافتراض لخرج إليهم فلما كان في عهد عمر جمعهم على قارئ واحد وأسرج المسجد، فصارت هذه الهيئة - وهي اجتماعهم في المسجد على إمام واحد مع الإسراج - عملا لم يكونوا يعملونه من قبل، فسمي بدعة؛ لأنه في اللغة يسمى بذلك، وإن لم يكن بدعة شرعية؛ لأن السنة اقتضت أنه

---

(١) صحيح مسلم الجمعة (٨٦٧)، سنن النسائي صلاة العيدين (١٥٧٨)، مسند أحمد (٣/ ٣٧١)، سنن الدارمي المقدمة (٢٠٦).
(٢) صحيح البخاري اللباس (٥٨٦٢)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧٦١)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (١٦٠٤)، سنن أبي داود الصلاة (١٣٧٣)، مسند أحمد (٦/ ٢٦٨)، موطأ مالك النداء للصلاة (٢٥٠).