وعلى ذلك لا يستطيع البنك أن يلغي الاعتماد المذكور، لا من تلقاء نفسه، ولا بناء على تعليمات معطي الأمر، ذلك أن علاقة البنك بالمستفيد هي في الأصل علاقة مستقلة عن العلاقات التي تربط بين البنك ومعطي الأمر.
وثمة نتيجة أخرى تلزم عن قيام العلاقة المباشرة بين البنك والمستفيد، وهي أنه يمتنع على البنك أن يحتج على المستفيد بالدفوع المستمدة من العقد الأصلي الذي يربط بين معطي الأمر والمستفيد، وهو في الغالب عقد بيع كما بينا، إذ إن التمسك بهذه الدفوع يخص معطي الأمر وحده، ولكن لا شأن له بالالتزام المباشر الذي ترتب للمستفيد في ذمة البنك الذي فتح الاعتماد.
وهذا الاستقلال بين العملية المصرفية والعملية التجارية من الناحية القانونية، هو أمر مسلم، إذ بدونه تنهار قيمة الاعتماد المستندي القطعي.
وقد قدرت الغرفة التجارية الدولية أهمية هذه الحقيقة، فحرصت على تقريرها في المادة الأولى من مجموعة القواعد والعادات الموحدة في الاعتمادات المستندية، وتابعتها في هذا المسلك لجنة تعديل قانون التجارة الفرنسي في المشروع الذي أقرته في سنة ١٩٥١ وقد لخص الأستاذ مصطفى الزرقاء الطبيعة القانونية للاعتماد المستندي، ثم ذكر بعده موقف الفقه الإسلامي من العملية، فقال: الوصف القانوني للعملية هو اعتماد (مالي) يفتحه المصرف بناء على طلب شخص يسمى الآمر، لمصلحة عميل لهذا الآمر، ومضمون بحيازة مستندات ممثلة لبضاعة مستحقة للآمر لدى عميله المذكور، ويستوي أن يكون طريق التنفيذ بالوفاء أو بقبول بفتحه.
يتضح من هذا التعريف أن فتح الاعتماد هو عبارة عن عهدة مالية يلتزم