المستندات الصحيحة، والوكالة المقيدة يلتزم فيها قيدها، وهذا التوكيل يتضمن رهنا ضمنيا للبضاعة لدى الوكيل إلى أن يستوفي الثمن الذي وكل بأدائه من ماله، وهو رهن ضمني مستنده العرف، وتثبته نصوص القوانين، وهذا التخريج الفقهي يفسر لنا أمورا مهمة في هذه المعاملة وهي:
١ - نهائية الالتزام، وعدم قبوله الرجعة من جانب الوكيل - وهو هنا المصرف الوسيط فاتح الاعتماد - لأن الوكيل بأجر يجب عليه القيام بما وكل فيه ويجبر على ذلك، لا سيما أنه تعلق بالوكالة هنا حق الغير وهو البائع، كما أن عقد القرض - بمجرد انعقاده - لازم عند المالكية من جانب المقرض ليس له الرجوع فيه حتى ينتفع به المقترض على العادة في مثله.
والمقرر عرفا وقانونا في هذا الشأن أنه إذا أصر الموكل - في مسألة فتح الاعتماد - على الامتناع من الدفع بغير حق وتعذر الاستيفاء منه، كان للمصرف حق التصرف في البضاعة؛ ليستوفي حقه بأن يبيع منها بقدر الحاجة، وهذا سائغ عند فقهاء الشريعة دون رجوع إلى القاضي إذا كان عن شرط، بل له ذلك عند الشافعية من غير تعذر الاستيفاء ما دام الخصم ممتنعا من دفع الحق الثابت عليه.
٢ - عدم مسألة المصرف بعد قيامه بالدفع وفق شروط الاعتماد مهما تكن حال البيع نفسه، إذ لا شأن للمصرف بذلك، فإن الوكيل بالأقباض ليس وكيلا في عقد مالي، فلا عهدة عليه كالرسول.
٣ - نهائية الالتزام من جانب الآمر - هو المشتري طالب فتح الاعتماد -، فيكون الاعتماد من هذه الناحية غير قابل للإلغاء على أساس أنه توكيل تعلق به حق الغير، فيمتنع على الآمر الموكل الرجوع عنه.
ملاحظة: قد يرد على هذا الحل أنه قاصر لا يفسر لنا كون المصرف يصبح