مدينا أصليا للمستفيد حل محل الآمر فبرئت بذلك ذمة الآمر تجاه المستفيد كما هو الحكم المقرر قانونا.
وحينئذ يمكن إحلال الحوالة محل الوكالة في هذا التخريج، فتعتبر معاملة الاعتماد المستندي حوالة على المصرف فاتح الاعتماد بأمر الآمر، فيكون له عليه حق الرجوع بعد الأداء، ويكون المستفيد البائع محالا قد قبل الحوالة بقبوله فتح الاعتماد لمصلحته، ويبرأ تجاهه الآمر، وهو هنا المشتري طالب فتح الاعتماد كما نوضحه في الأساس الثاني.
الأساس الثاني: وقد يسعنا أن نقول استنادا إلى وجهة نظر أخرى: أنه حين ينص على نهائية الالتزام من طرفيه -أو يكون ذلك كالمنصوص - يكون الآمر إذا محيلا بدين المستفيد على المصرف الوسيط فاتح الاعتماد، ورضا الأطراف الثلاثة قائم، وليست هذه الحوالة معلقة على شرط - تسليم المستندات- بل حوالة مطلقة منجزة بدين مؤجل يحل عند تقديم هذه المستندات، وقد قبلها المحال عليه - المصرف الوسيط- بأمر المحيل، فيحق له الرجوع عليه، وقد يدفع الآمر جانبا من مبلغ الاعتماد مقدما إلى المصرف، ففي هذه الحال يكون طلب فتح الاعتماد توكيلا بالأداء إلى الدائن فيما قدمه الآمر، وحوالة في الباقي.
ولا بأس فيها بالعمولة المصرفية، لأنها منفصلة عن الحوالة، فليست حوالة بأجر حتى يقال: إن ذلك يتنافى مع طبيعتها من كونها عقد إيفاء واستيفاء لا غير، أو عقد إرفاق إنما هي أجرة مستحقة لأجير - هو المصرف - على الأعمال الكثيرة التي يقوم بها، كما حررناه في بحث التحويل المصرفي (ر: ف / ٣٦٢)، وقد يعترض على هذا الحل بأنه لا يطابق ما هو مقرر في التقنينات الحديثة من أنه لا علاقة للمصرف الذي أصدر الاعتماد بصحة البيع أو بطلانه، ذلك لأن الحوالة - من الوجهة الشرعية الإسلامية - تبطل إذا تبين بطلان البيع الذي بنيت عليه، وإذا كان المحال عليه قد دفع إلى المحال فإنه يتخير بين الرجوع على القابض، لفساد قبضه، والرجوع على المحيل، كما في الحوالة الصحيحة (ر: ف / ٢٥٧).