للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ذلك الجهاد، كما قال صلى الله عليه وسلم: «والمهاجر من هجر السيئات (١)». (٢).

ويقول الغزالي في الصبر عن المعصية: ما أحوج العبد إلى الصبر عن المعاصي، وقد جمع الله تعالى أنواعها في قوله تعالى: {وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} (٣) ... ، وأشد أنواع الصبر: الصبر عن المعاصي التي صارت مألوفة بالعادة ... ، فإذا انضافت العادة إلى الشهوة تظاهر جندان من جنود الشيطان على جند الله تعالى فلا يقوى باعث الدين على قمعها (إلا بالصبر)، ثم إن كان ذلك الفعل مما تيسر فعله كان الصبر عنه أثقل على النفس (٤).

ولذا فما أعظم صبر الصحابة رضوان الله تعالى عليهم في امتناعهم عن شرب الخمر لما نزل تحريمها تحريما قاطعا في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٥) {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (٦)، حيث قالوا: انتهينا انتهينا، وأراقوا ما


(١) راجع الهامش السابق.
(٢) مجموع الفتاوى، ج ١٠ ص ٦٣٥، ٦٣٦.
(٣) سورة النحل الآية ٩٠
(٤) إحياء علوم الدين، ج ٤ ص ٦٧، ٦٨، بتصرف يسير.
(٥) سورة المائدة الآية ٩٠
(٦) سورة المائدة الآية ٩١