للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لديهم من خمر في طرقات المدينة، فمع إشراب قلوبهم حبها، وأسرها لنفوسهم، وشدة هيامهم بها، مع ذلك كله انتهوا عنها بانقياد تام، وأراقوها طواعية لله واستجابة وامتثالا لأمره، وملكوا زمام النفوس التي طالما أدمنت شربها فاجتنبتها وانصرفت عنها دونما عود ورجعة (١).

ويقول الغزالي: وتختلف شدة الصبر في آحاد المعاصي باختلاف داعية تلك المعصية في قوتها وضعفها (٢).

ويقول ابن القيم: مشقة الصبر بحسب قوة الداعي إلى الفعل وسهولته على العبد، فإذا اجتمع في الفعل هذان الأمران كان الصبر عنه أشق شيء على الصابر (٣).

وعليه فمن تدبر قصة نبي الله يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز التي قصها الله في القرآن الكريم (٤)، يعلم مدى قوة صبره وتحمله، فقد كان الدافع إلى ارتكاب المعصية معها قويا، كما كانت


(١) د. صالح الخزيم، الصبر، ص ٢٦.
(٢) إحياء علوم الدين، ج ٤ ص ٦٨. وانظر: ابن القيم، عدة الصابرين، ص ٧٥، ٧٦.
(٣) عدة الصابرين، ص ٧٤.
(٤) راجع سورة يوسف، الآيات ٢٣ - ٥٣.