الظروف مهيئة وميسرة لذلك، من حيث إنه عليه السلام كان شابا، والشاب تتوق نفسه إلى النساء، وعزبا ليس له ما يعوضه ويرد شهوته، وغريبا والغريب لا يستحي في بلد غربته مما يستحي منه في بلد أهله ومعارفه، ومملوكا والمملوك أيضا ليس وازعه كوازع الحر، والمرأة جميلة وذات منصب، وهي سيدته، وقد توفر المكان الآمن وغاب الرقيب، وهي الداعية إلى نفسها، والحريصة على ذلك أشد الحرص، ومع ذلك توعدته إن لم يفعل بالسجن أو الصغار.
ولكنه مع هذه الدواعي كلها صبر بعدا عن المعاصي والآثام، وإيثارا لما عند الله من أجر كبير وثواب عظيم، حيث رفض بشمم واستعلى بإيمان قائلا:{مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ}(١)، فزاده الله عزا ورفعة في دنياه وأخراه.