للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورجا ربه بلسان صادق وقلب ينتظر فرج الله ولطفه وعونه: {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} (١). واشتد به الحزن وأخذ منه الأسى كل مأخذ، فقد هاج فقد ولده الثاني - بنيامين - ذكرى فقد ولده الأول - يوسف - والأسى يبعث الأسى.

ثم امتحن ثالثا بفقد بصره، حيث ابيضت عيناه من شدة الحزن، فهو كئيب حزين ساكت لا يشكو أمره إلى مخلوق، مما حدا بأبنائه إلى الشفقة عليه، فقالوا: - رفقا به - لا تكاد تفارق ذكر يوسف حتى تضعف قواك أو تهلك، فقال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وحده، فهو الذي يكشف الضر ويجيب دعاء المضطر، وإليه المشتكى وبيده إجابة الدعاء (٢). وفي هذا يقول عز وجل: {وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} (٣) {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} (٤) {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (٥).


(١) سورة يوسف الآية ٨٣
(٢) انظر: د. يوسف القرضاوي، الصبر في القرآن، ص ٦٨، ود. صالح الخزيم، الصبر، ص ٥٨ - ٦١.
(٣) سورة يوسف الآية ٨٤
(٤) سورة يوسف الآية ٨٥
(٥) سورة يوسف الآية ٨٦