للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (١) {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} (٢).

وهذا نبي الله يعقوب عليه السلام امتحن أولا - على كبر سنه ورقة عظمه - بفقد مهجة فؤاده وأحب أبنائه إليه يوسف عليه السلام، إذ كاد له إخوته وطرحوه في الجب، وجاءوا إلى أبيهم بدم كذب كدليل مقنع بأن الذئب أكله. ولم يكن الفراق بين يعقوب وابنه كأي فراق آخر بين حبيبين يعرف كلاهما أين يقيم صاحبه، ويرجو أن ينتهي الفراق يوما ما بلقاء قريب، وإنما كان فراقا بعد مؤامرة انتهى إلى انقطاع كلي بين الابن وأبيه، كما لم تكن هذه المؤامرة من غرباء موتورين، وإنما كانت كيدا من إخوة لأخيهم، وكذبا من أبناء على أبيهم، علمه الوالد الحنون في قراره نفسه، فقال صابرا محتسبا: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} (٣).

ثم امتحن ثانيا بفقد ابنه الآخر، الشقيق الأصغر ليوسف وهو بنيامين، فقال كما قال في المرة الأولى: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} (٤)،


(١) سورة الأنبياء الآية ٨٣
(٢) سورة الأنبياء الآية ٨٤
(٣) سورة يوسف الآية ١٨
(٤) سورة يوسف الآية ١٨