للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١٩ - ويقول ابن القيم في معرض بيانه كيف يكون الصبر نصف الإيمان: إن الإيمان مبني على ركنين: يقين، وصبر وهما الركنان المذكوران في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (١)، فباليقين يعلم المؤمن حقيقة الأمر والنهي والثواب والعقاب، وبالصبر ينفذ ما أمر به ويكف نفسه عما نهي عنه، ولا يحصل له التصديق بالأمر والنهي أنه من عند الله وبالثواب والعقاب إلا باليقين. ولا يمكنه الدوام على فعل المأمور وكف النفس عن المحظور إلا بالصبر، فصار نصف الإيمان، والنصف الثاني: الشكر بفعل ما أمر به وبترك ما نهي عنه (٢).

ويقول أيضا: إن الدين مبني على أصلين: الحق، والصبر. وهما المذكوران في قوله تعالى: {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (٣)، ولما كان المطلوب من العبد هو العمل بالحق في نفسه وتنفيذه في الناس، وكان هذا هو حقيقة الشكر، لم يمكنه ذلك إلا بالصبر عليه، فكان


(١) سورة السجدة الآية ٢٤
(٢) عدة الصابرين، ص ١١٦، ١١٧.
(٣) سورة العصر الآية ٣