يحسبون أنهم على شيء، إلا أنهم هم الكاذبون، فهم لاعتقادهم الشيء على خلاف ما هو عليه بمنزلة رائي السراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، وهكذا هؤلاء أعمالهم وعلومهم بمنزلة السراب الذي يخون صاحبه أحوج ما هو إليه ... (١).
ولم يقتصر على مجرد الخيبة والحرمان كما هو حال من أم السراب فلم يجده ماء، بل انضاف إلى ذلك أنه وجد عنده أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين سبحانه وتعالى، فحسب له ما عنده من العلم والعمل فوفاه إياه بمثاقيل الذر، وقدم إلى ما عمل من عمل يرجو نفعه فجعله هباء منثورا، إذ لم يكن خالصا لوجهه، ولا على سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وصارت تلك الشبهات الباطلة التي كان يظنها علوما نافعة كذلك هباء منثورا، فصارت أعماله وعلومه حسرات عليه، والسراب: ما يرى في الفلاة المنبسطة من ضوء الشمس وقت الظهر يسرب على وجه الأرض كأنه ماء يجري، والقيعة والقاع: هو المنبسط من الأرض الذي لا جبل فيه، ولا فيه واد، فشبه علوم من لم يأخذ علومه من الوحي وأعماله - بسراب يراه المسافر في شدة الحر فيؤمه فيخيب ظنه، ويجده نارا تلظى.
فهكذا علوم أهل الباطل وأعمالهم إذا حشر الناس، واشتد