للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهم العطش بدت لهم كالسراب فيحسبونه ماء، فإذا أتوه وجدوا الله عنده فأخذتهم زبانية العذاب فعتلوهم إلى نار الجحيم، فسقوا ماء حميما، فقطع أمعاءهم، وذلك الماء الذي سقوه هو تلك العلوم التي لا تنفع، والأعمال التي كانت لغير الله تعالى، صيرها الله تعالى حميما سقاهم إياه، كما أن طعامهم لا يسمن ولا يغنى من جوع، وهو تلك العلوم والأعمال الباطلة التي كانت في الدنيا كذلك لا يسمن ولا يغني من جوع وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} (١) {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (٢).

وهم الذين عني بقوله: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا} (٣)، وهم الذين عني بقوله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} (٤)

والقسم الثاني من هذا الصنف أصحاب الظلمات: وهم المنغمسون في الجهل بحيث قد أحاط بهم من كل وجه، فهم بمنزلة الأنعام، بل هم أضل سبيلا، فهؤلاء أعمالهم التي عملوها على غير بصيرة؟ بل بمجرد التقليد، واتباع الآباء من غير نور من الله تعالى،


(١) سورة الكهف الآية ١٠٣
(٢) سورة الكهف الآية ١٠٤
(٣) سورة الفرقان الآية ٢٣
(٤) سورة البقرة الآية ١٦٧