للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ملكا مقربا، ولا نبيا مرسلا، لا يجوز الخوض فيه، والبحث عنه بطريق العقل، بل يعتقد أن الله - سبحانه وتعالى - خلق الخلق، فجعلهم فريقين: أهل يمين خلقهم للنعيم فضلا، وأهل شمال للجحيم عدلا (١).

ونختم هذا المبحث بكلام جامع للحافظ ابن عبد البر في هذا حيث يقول: وجملة القول في القدر أنه سر الله، لا يدرك بجدال ولا نظر، ولا تشفى منه خصومة ولا احتجاج، وحسب المؤمن من القدر أن يعلم أن الله لا يقوم شيء دون إرادته، ولا يكون شيء إلا بمشيئته، له الخلق والأمر كله، لا شريك له، نظام ذلك قوله: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (٢)، وقوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (٣)، وحسب المؤمن من القدر أن يعلم أن الله لا يظلم مثقال ذرة، ولا يكلف نفسا إلا وسعها، وهو الرحمن الرحيم، فمن رد على الله - تعالى - خبره في الوجهين أو في أحدهما كان عنادا وكفرا، وقد تظاهرت الآثار في التسليم للقدر والنهي عن الجدل فيه، والاستسلام له، والإقرار بخيره وشره، والعلم بعدل مقدره وحكمته، وفي نقض عزائم الإنسان برهان فيما قلنا وتبيان، والله المستعان (٤).


(١) شرح السنة (١/ ١٤٤).
(٢) سورة الإنسان الآية ٣٠
(٣) سورة القمر الآية ٤٩
(٤) التمهيد (٣/ ١٣٩، ١٤٠).