للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله عليها بذلك أعداءها، فألحقوا بها من الذل ما لم يسبق له نظير في تاريخها الطويل، وتلك سنة الله في عباده كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (١).

وهذا الحال يتطلب من أبناء الأمة توحيد الصف، وجمع الكلمة، ومضاعفة الجهود للرجوع بالأمة إلى دينها، فإن رفع هذا الذل عنها مرتبط بذلك كما أخبر بذلك الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه، ففي سنن أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم (٢)».

ومراجعة الأمة لدينها تكون بالرجوع إلى ما كانت عليه الجماعة الأولى؛ فإنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وقد أخبر (٣) النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفتن التي ستمر بها الأمة الإسلامية، وبين أن الخلاص منها يكون بلزوم الجماعة، وجاءت أحاديث كثيرة في الحث على لزوم الجماعة والتحذير من الخروج عنها، وقد بين أهل العلم أن الجماعة الواردة في تلك الأحاديث هي التي تكون على ما كانت عليه الجماعة الأولى.


(١) سورة الرعد الآية ١١
(٢) سنن أبي داود كتاب البيوع (رقم ٣٤٦٢).
(٣) جاء ذلك في حديث حذيفة رضي الله عنه، انظر: (برقم ١).