للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من هذا يظهر أن لفظ السنة إذا أطلق في الاصطلاح فإنه يعني واحدا من ثلاثة معان:

١ - ما يقابل القرآن فيراد به قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وفعله وتقريره.

٢ - ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه مما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وواظب عليه.

٣ - ما يقابل البدعة، فيراد بها ما وافق القرآن أو حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير. وسواء كانت دلالة القرآن أو الحديث على طلب الفعل مباشرة أو بوسيلة القواعد المأخوذة منها ويدخل في هذا ما عمل عليه الصحابة - رضي الله عنهم- سواء وجد ذلك في الكتاب والسنة أم لا لكونه اتباعا لسنة ثبتت عندهم لم تنقل إلينا أو اجتهادا مجمعا عليه منهم أو من خلفائهم كما فعلوا في جمع المصحف وتدوين الدواوين وما أشبه ذلك، ويدل لهذا الإطلاق قوله - صلى الله عليه وسلم -: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي (١)» الحديث. فالسنة إذا هي مجموع أقواله - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وتقريراته يدل لهذا قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (٢) فإنه شامل لكل ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - من قول أو فعل أو تقرير، كما يدل أيضا قوله سبحانه: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (٣) والاتباع له - صلى الله عليه وسلم - يتحقق في جميع ما ذكر.

وقال الرسول عليه السلام: «صلوا كما رأيتموني أصلي (٤)» رواه (٥) البخاري فأمر أن نقتدي بفعله وأن نستن بهديه وهذا يدل على أن الفعل من سنته.

أما تقريره فمثل مشاهدته للأحباش في المسجد وهم يلعبون ولم ينكر عليهم.


(١) انظر الموافقات ٥٨/ ٤، وأصول الفقه للخضري ٢٦٧، ورسائل الإصلاح لمحمد الخضر حسين ٧٥/ ٣
(٢) سورة الحشر الآية ٧
(٣) سورة آل عمران الآية ٣١
(٤) صحيح البخاري الأذان (٦٣١).
(٥) بلوغ المرام ص٣٨