أما إذا بلغ الجهل بالناس مبلغا يغلب على الظن إساءتهم فهم النصوص والخلط بين الواجب والمندوب فإن الواجب يقتضي حينئذ أن يهب العلماء والدعاة إلى الله لبيان حكم الله وإيضاح شرائعه وكشف ما قد يسبب اللبس والاشتباه على الناس.
أما أن نستسلم لأفهام السذج من الناس ونخضع الشريعة ونجمد بعض أحكامها تبعا لهذه الأفهام الخاطئة فهذا ما لا يجوز أن نلتفت إليه أو نوليه انتباهنا إلا بطريقة البيان والتوجيه وتصحيح الأخطاء، من ذلك فعل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين قبل الحجر الأسود: إني أعلم أنك لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك، (١) فقد جمع بين الأخذ بالسنة ودفع ما عساه يخطر في أذهان العامة من اعتضاد فاسد.
وخلاصة الرأي في هذا هو أن الامتناع من بعض السنن سد لذريعة توهم العامة وجوبها هو امتناع عن سنة ورد النص بها فيكون باطلا لأنه اجتهاد حيث لا يجوز الاجتهاد وهو ملغى لا اعتبار له ولا التفات إليه.
(١) متفق عليه، انظر رياض الصالحين، باب الأمر بالمحافظة على السنة