للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي: يكره ما يأتي من معصية الله، لا لهوى نفسه وخصوصها وزخرف الدنيا.

وعلى هذا كان معظم السلف، فلم يكونوا جملتهم يخرجون على أئمة الجور الظلمة، وحسبك بالحجاج بن يوسف بقسوته وظلمه، ومع هذا فلم يذكر عن أحد من الصحابة الخروج عليه، بل كانوا يصلون خلفه ويبغضون ما يأتي منه من المعاصي والظلم، منهم ابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك، حيث وجد البعض منهم محنا منه وتعنتا وظلما.

ذم الجدال والخصام في الدين، وكثرة القيل والقال بدون طلب الحق ووجود الدليل، فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدال، ثم قرأ: (٢)» رواه الحاكم وغيره.

وعلى هذا درج السلف فكانوا يحذرون من الجدال فيما لا ينفع أشد التحذير، وأيضا في التحذير من أهله، ومن ذوي الهوى المتبع والشح المطاع، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، كما صرح به


(١) سنن الترمذي تفسير القرآن (٣٢٥٣)، سنن ابن ماجه المقدمة (٤٨)، مسند أحمد (٥/ ٢٥٦).
(٢) سورة الزخرف الآية ٥٨ (١) {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}