للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك أن الإسلام يعني نظاما للحياة كلها متكاملا لا نقص فيه ولا قصور إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مهما تبدلت الأمم، أو تغيرت متطلبات حياة البشر على وجهها، ألم يقل سبحانه: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} (١)؟ وهذا في إرادة الله الأزلية، ويقول تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} (٢).

فهو عز وجل عالم بأحوال عباده وما يطرأ على تعاملهم فيما بينهم ومع من يخالفهم في كل أمر وإلى أن تقوم الساعة، كما أخبر صلى الله عليه وسلم عما يكون بعد نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان بأنه يملأ الأرض عدلا، ويقيم شرع الله على هدي محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يبقى على وجه الأرض دين غير دين الإسلام، الذي هو دين الله الحق، ويؤصل هذا ما جاء في قصة عمر لما دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده صحيفة من التوراة فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " «أفي شك يا ابن الخطاب مما جئت به؟ والله لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباع ما جئت به (٣)»، وأن من يضع العراقيل، ويسوف بالمعاذير، ليتعلل بعدم قدرة الشريعة الإسلامية على المسايرة وتنظيم أحوال المجتمعات وما طرأ عليها، فهو متعد وجائر.


(١) سورة الأنعام الآية ٣٨
(٢) سورة النحل الآية ٨٩
(٣) سيرة عمر بن الخطاب عند الذهبي: سير أعلام النبلاء.