فقال له المأمون: لقد استحفظ الله أهل الكتاب على ما نزل على أنبيائهم فضيعوا الأمانة، أما القرآن فقد تولى الله حفظه، فلا يتطرق إليه الشك يقول سبحانه:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(١)، وشيء حفظه الله لا يمكن أن تمتد إليه الأيدي الخائنة.
ولذا فإن أي مخلوق لا يمكن أن يدعي أن شريعة أحد من الناس، مهما بلغ علمه وعقله فاضلة أو مماثلة لشريعة الله، أو تسير الحياة في أي مجتمع بمثل ما فرض الله في شرعه؛ لأن القصور من لوازم المخلوق، والكمال لله سبحانه ولشرعه الذي شرع.
وهذا ما يجب أن يدركه علماء وقادة الإسلام، ليطبقوا شرعه بفهم وإدراك، كما أن هذا نداء عظيم للمسلمين الذين يجب عليهم الحذر وعدم تقليد الأمم الأخرى في قوانينهم البشرية، والاعتزاز بشرع الله الذي لا يتبدل مع تغير أحوال الناس في كل زمن، ومجادلة الآخرين الذين لا يرتضون شرع الله في تسيير أمورهم الدنيوية بالتي هي أحسن حتى ينفذ لقلب من أراد الله هدايته عن قناعة ورضا بأن ما شرعه الله سبحانه هو الأكمل الثابت ولا يتبدل.