غاب فترة طويلة عن مجلس المأمون، فحضر بعد ذلك فسأله المأمون عن حاله فقال: لقد أسلمت، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
وأن دينكم الإسلام هو الحق.
فسأله المأمون: كيف تم ذلك؟ قال: لما خرجت من عندك أردت أن أمتحن هذه الأديان، فأخذت نسخة من التوراة، فعدلت فيها بما شئت: زيادة ونقصا، حسب هواي وكتبت نسختين واعتنيت بالخط، ثم ذهبت إلى أحد المعابد، والتقيت بالحاخام وأهديت له النسختين، ففرح بهما، وضمهما إلى نوادر النسخ في معبده، وأمر لي بمائة دينار.
ثم عمدت إلى نسخة من الإنجيل، ففعلت فيها مثلما عملت في التوراة، ثم ذهبت إلى الكنيسة، وقابلت أكبر قساوستها فقدمت النسختين له هدية، ولما نظر فيهما أعجب بهما، وضمهما إلى النسخ النادرة عنده، في درج خاص، وشكرني وأمر لي بمائة دينار.
ثم اتجهت إلى نسخة من القرآن، وعملت نسختين معتنيا بخطي فيهما، وزدت ونقصت، وغيرت مثلما عملت في التوراة والإنجيل، فذهبت إلى أحد الوراقين ليبيعهما، أو يهديهما لنفاستهما فلما نظر في واحدة منهما، بان له ما دس فيهما، فرماهما بشدة، وقال ليس هذا قرآنا، بل مكذوب على الله، فأدركت بهذا أن القرآن هو الحق، وأن دين الإسلام هو شرع الله الذي حفظه من العبث والتعديل؛ لذا أسلمت.