ثم قال: نحن نقارن بين الحديث القابل للتحديث والتبديل، وبين القديم المستعصي على التبديل والتغيير، وسنرى من هذه المقارنة ونلمس أن القديم الثابت خير من الحديث المتغير، وأن الشريعة على قدمها أجل من أن تقارن بالقوانين الوضعية الحديثة، وأن القوانين الوضعية بالرغم مما انطوت عليه من الآراء، واستحدث لها من المبادئ والنظريات التي لا تزال في مستوى أدنى من مستوى الشريعة، ثم يقول: وإذا استساغت عقول البشر أن تصنع ما يصنعه المخلوق في مستوى ما صنعه الخالق؛ لأنها تدرك الفرق بين الصناعتين، وتحس المدى الواسع بين الصانعين، فلا شك أن العقول التي تدرك هذا جديرة بأن تدرك الفرق بين الشريعة الإسلامية وهي من صنع الله، وبين القوانين الوضعية وهي من صنع البشر.
وفى هذه المقارنة غير المتكافئة يظهر الفارق جليا بين حكم الله في شريعته، وما يجب على كل مسلم الاهتمام والدفاع عنه والدعوة إليه، وبين القوانين الوضعية في كثير من موادها البعيدة عن الفطرة السليمة:{وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}(١)، وأهمية السعي الحثيث في الاستقلال بشرع الله عنها.