وإذا أردنا أن نعرف شيئا عن القوانين الغربية، وما يجري عليها من تغييرات حسب طبائع البشر في أحوالهم كلها، وعدم الاستقرار على حال ثابتة، فإن القانون الفرنسي الذي يعتبر أبا القوانين الوضعية كلها، ومن أصوله تستمد تنظيماتها، نرى عبد القادر عودة يقول عنه: وبعد الثورة الفرنسية أخذ المتشرعون الأوربيون في تجريد القوانين الوضعية من كل ما له مساس بالدين والعقائد، والأخلاق والفضائل الإنسانية، حتى تم لهم ذلك إلى حد كبير، وأصبحت هذه القوانين قائمة على تنظيم علاقات الأفراد المادية، وعلى ما يمس الأمن ونظام الحكم أو النظام الاجتماعي، بذلك انعدم العنصر الروحي في القانون، فانعدم سلطانه على الأفراد والشعوب.
وقد أدى إهمال الدين والعقائد وإبعاد الأخلاق والفضائل عن دائرة القانون إلى نتائجه الحتمية، ففسدت الأخلاق، وشاعت الفوضى، ونبتت في الجماهير روح التمرد والاستهانة بالقانون، وكثرت الثورات، وتعددت الانقلابات، وتغيرت النظم طبقا للأهواء، وانتفى الاطمئنان والاستقرار من حياة الشعوب.
(١) الإسلام وأوضاعنا لعبد القادر عودة ص ٨٠، وانظر: كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للعجلوني ٢/ ١٢٥، والمراد قوله: " كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " رواه البخاري عن أبي هريرة.