للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم لا يفرط في شيء من أمور هذه الحياة، ولا يقع فيه، ولا ينشأ عنه تصادم مدمر بين أنواع النشاط الإنساني ولا النواميس الكونية، وإنما يقع التوازن والاعتدال والتوافق والتناسق.

الأمر الذي لا يتوافر أبدا لمنهج من صنع الإنسان الذي لا يعلم إلا ظاهرا من الأمر، والمكشوف في فترة زمنية معينة (١).

ومن هنا يدرك الإنسان الاختلافات والتعديلات والتفسير المتجدد في مواد القوانين الوضعية، إلى جانب الاعتراضات والاستدراكات؛ لأنها آراء بشرية، أما الشريعة فمع وفائها فإنها لا تتغير ولم تتبدل: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} (٢).

وصدق الله العظيم في قوله العزيز: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} (٣).

ذلك أن حكم الإسلام في شريعة الله لعباده من أوامر تطاع، وزواجر تجتنب، هو طريق الاستقلال، ولا يعجبن أحد أن يكون حكم الإسلام متفقا مع حكم العقل وطبائع الأشياء، فإن الإسلام هو بنص القرآن: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} (٤)، وهو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:


(١) " في ظلال القرآن " لسيد قطب ج ٦ الطبعة ٤، لبنان، ص ١٤٦.
(٢) سورة الروم الآية ٣٠
(٣) سورة النساء الآية ٨٢
(٤) سورة الروم الآية ٣٠