الدين ومبادئه عقيدة وشريعة، وما يراه بعض المعاصرين من عدم التوجه لذلك والاكتفاء بعرض حقائق الدين وبيان محاسنه، والهجوم على ما عند المخالفين من أوجه النقص والقصور فيما يدعون إليه، فإنه مما لا مراء فيه أنه لا ينبغي طرح الشبهات ابتداء، ولكن لا ينبغي تجاهلها إذا كان الناس يسمعونها وتتلقاها أفئدتهم.
وفي القرآن الكريم الهدى والبيان في ذلك، فهو لم يأت لتقرير الشبهات، وإنما جاء لبيان الدين الحق، وحين جادل المبطلون بالباطل وأعلنوا الشبهات دحض شبهاتهم وكشف زيفها وبين بطلانها.
فالقارئ لكتاب الله سبحانه وتعالى يجده حافلا بالرد والنقض للشبهات التي أثارها المشركون أو اليهود أو المنافقون في مجال العقيدة، وفي ذلك دلالة على أهمية هذا الأمر باعتباره وسيلة ضرورية لتثبيت المؤمنين ودحض مزاعم الكافرين، وهو أسلوب قرآني لا ينبغي تركه في أي عصر بل الحاجة له قائمة ما دام الصراع بين الحق والباطل قائما، والأمثلة على ذلك من الكتاب الكريم أكثر من أن تحصر، ومنها على سبيل المثال:
دحض الحق تبارك وتعالى شبه المشركين حول البعث بعد الموت وذلك في آيات كثيرة منها قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا}(١)