للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في كلام غيره. فإذا كان في كلام غيره، زال النهى المذكور.

فإن كان مصلحة، كان مأمورا به، وإن كان غير ذلك، كان غير مفيد ولا مأمور به.

وفي ذم الخوض بالباطل، حث على البحث، والنظر، والمناظرة بالحق.

ثم قال: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ} (١) أي: بأن جلست معهم، على وجه النسيان والغفلة. {فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (٢)، يشمل الخائضين بالباطل، وكل متكلم بمحرم، أو فاعل لمحرم، فإنه يحرم الجلوس والحضور، عند حضور المنكر، الذي لا يقدر على إزالته.

وهذا النهي والتحريم لمن جلس معهم ولم يستعمل تقوى الله، بأن كان يشاركهم في القول والعمل المحرم، أو يسكت عنهم وعن الإنكار، فإن استعمل تقوى الله تعالى، بأن كان يأمرهم بالخير، وينهاهم عن الشر والكلام الذي يصدر منهم، فيترتب على ذلك زواله وتخفيفه فهذا ليس عليه حرج ولا إثم، ولهذا قال: {وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (٣)، أي: ولكن ليذكرهم، ويعظهم، لعلهم يتقون الله تعالى (٤).


(١) سورة الأنعام الآية ٦٨
(٢) سورة الأنعام الآية ٦٨
(٣) سورة الأنعام الآية ٦٩
(٤) ابن سعدي، المصدر السابق ٢٩٠.