للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (١).

وقد اختلفت عبارات أهل العلم في المراد بالمتشابه الذي ذم الله اتباعه، إلا أن الطبري رجح أن الصواب " قول من قال: معناه إرادة الشبهات واللبس، فمعنى الكلام إذا: فأما الذين في قلوبهم ميل عن الحق وحيف عنه، فيتبعون من آي الكتاب ما تشابهت ألفاظه، واحتمل صرفه في وجوه التأويلات، باحتماله المعاني المختلفة إرادة اللبس على نفسه وعلى غيره، احتجاجا به على باطله الذي مال إليه قلبه دون الحق الذي أبانه الله فأوضحه بالمحكمات من آي كتابه " (٢)، وهذه الآية معني بها كل مبتدع في دين الله بدعه، فمال قلبه إليها، تأويلا منه لبعض متشابه آي القرآن، ثم حاج به وجادل به أهل الحق، وعدل عن الواضح من أدلة آية المحكمات إرادة منه بذلك اللبس على أهل الحق من المؤمنين، وطلبا لعلم تأويل ما تشابه عليه من ذلك كائنا من كان، وأي أصناف البدعة كان من أهل النصرانية كان أو اليهودية أو المجوسية، أو كان سبئيا، أو حروريا، أو قدريا، أو جهميا (٣)،


(١) سورة آل عمران الآية ٧
(٢) جامع البيان ٣/ ١٨١.
(٣) المصدر نفسه (٣/ ١٨١).