للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولعل من طرق نشر البدع والضلالات في هذا الوقت عبر القنوات الفضائية، البرامج الحوارية التي تستهدف جذب المشاهدين وإثارتهم عن طريق " المناظرة في قضية ما بين اتجاهين متعاكسين في المبدأ والفكر والرأي، حيث يؤتى بسني وبدعي، وإسلامي وعلماني، فتلقى الشبه على الناس على شكل حوار يخيل للمشاهد أنه مثمر هادف يثري المشاهد بالمعلومات والمعارف، فيشككون في العقيدة والشريعة بطريقة عجيبة ملتوية، فيها إثارة واستمتاع للمشاهد.

وليست الخطورة في هذا الأمر، فإن الذرة لا تجر الصخرة، والحق لا يخشى الباطل بل يدمغه فإذا هو زاهق، ولكن البلية والرزية تكمن في أمور وراء ذلك، من أدركها وعلم غورها أدرك خطورتها. فمن ذلك: أن الشخصية الإسلامية المختارة قد تكون ليست مؤهلة شرعيا لهذه المناظرة فينقصها العلم بالشريعة أصولا وفروعا، وينقصها العلم بحال المناظر ومعرفة زيف معتقده وضلال منهجه، وقد تفتقر هذه الشخصية إلى الفصاحة والبيان والحجة الدامغة (١)، وقد كان السلف ينهون عن المناظرة، إذا كان المناظر ضعيف العلم بالحجة وجواب الشبهة، فيخاف عليه أن يفسده ذلك المضل (٢)، ويشتد الأمر خطورة في أنه قد يواجه شخصية منحرفة متمرسة على إلقاء الشبه، وتجيد فن


(١) مبارك عامر بقنة، اتجاهين متعاكسين، مجلة البيان، عدد ١٤٠ ص ١٢٨.
(٢) ابن تيمية، درء تعارض العقل والنقل، ٧/ ١٧٣.