للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المراوغة واللعب بالألفاظ. قال علي بن حرب الموصلي: كل صاحب هوى يكذب ولا يبالي (١)، فيظهر الحق باطلا، ويقلب الباطل حقا، فيضل الناس ويضل.

ومن أخطار هذا النوع من البرامج: أن فيها ترويجا للبدعة والشبه الشيطانية، فيسمعها الناس فيزينها الشيطان في قلوبهم، وينميها في عقولهم، وقد لا يجدون من يبين لهم فساد هذه الشبه وبطلانها، فتتعلق بأفئدتهم فيتشربونها لجهلهم بدينهم، فيفسد القلب. وقد ذكر الغزالي في خطر مناظرة أهل البدع والكلام بما فيها من: إثارة الشبهات، وتحريك العقائد، وإزالتها عن الجزم والتصميم، وذلك مما يحصل في الابتداء، ورجوعها بالدليل مشكوك فيه.

وله ضرر آخر وهو تأكيد اعتقاد المبتدعة للبدعة وتثبيتها في صدورهم بحيث تنبعث دواعيهم، ويشتد حرصهم على الإصرار عليها. ومن المحال لمن عاش في دهاليز الظلمة والحيرة أن يحصل من كلامه الهدى واليقين، فما عندهم إلا لحم جمل غث على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقى، فأقوالهم تسقم القلب، وتقتل السنن وتزاحمها، فالشرائع أغذية القلوب، فمتى اغتذت القلوب بالبدع لم يبق فيها فضل للسنن (٢).


(١) المعلمي، التنكيل. كلا في تأنيب الكوثري من الأباطيل ١/ ٤٤.
(٢) الغزالي، إحياء علوم الدين ١/ ١٣٦.